قوم عاد

السور التي وردت فيها القصة: هود، الأحقاف وفي حوالي 18 سورة أخرى من سور القرآن الكريم منها الأعراف والشعراء وفصِّلت والفجر وغيرها
الزمن الذي وقعت فيه أحداث القصة:
بعد زمن سيدنا نوح، عليه السلام، وقبل زمن سيدنا صالح، عليه السلام.

قوم عاد هم قوم نبي الله هود، عليه السلام، وهم أول من عبد الأصنام من بعد فترة طويلة من التوحيد الذي ساد الأرض بعد طوفان نوح، ولقد كانوا قوماً أشداء ذوو بأس وقوة وطول فارع، كما كانوا ذوي نفوذ وأصحاب حضارة مزدهرة، حيث بسط الله لهم أرزاقهم ومنحهم القوة البدنية التي مكنتهم من بناء بيوت ذات أعمدة ضخمة لم يبن مثيلاً لها في تلك الأزمنة، ومنحهم مصادر المياه المتنوعة التي ساهمت في ازدهار الزراعة وتنوعها حتى باتت ديارهم كجنات النعيم، كما ورد في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم، حيث كان يضرب بهم المثل في القوة والشدة والبأس وفي الرخاء والازدهار وطيب العيش.
منح الله، عز وجل، قوم عاد البأس والقوة الجسدية، كما منحهم أيضاً الرزق الكثير والخيرات الوفيرة، حيث كانت أراضيهم تمتاز بالخصوبة ومزروعاتهم بالتنوع والوفرة، فتمتعوا بالنفوذ والسلطة والرخاء الذي شمل كافة مناحي حياتهم، لكن بدل أن يحمدوا الله على هذه النعم الوفيرة التي لم تؤت لأحد غيرهم من الناس، أصيبوا بالكبر والغرور، وجحدوا تلك النعم ونسبوها لقوتهم وقدراتهم البدنية الهائلة، كما أخذوا يتجبرون و يبطشون بغيرهم من الأمم، ورفضوا دعوة نبي الله، هود، عليه السلام، الذي أرسله الله لهم ليدعوهم للتوحيد ونبذ عبادة الأصنام، بل إنهم هزئوا من نبي الله واتهموه بالكذب، ورفضوا الانصياع لدعوته.

لم يرتبط ذكر قوم عاد بالمعجزات كغيرهم من الأمم والأقوام، لكن بعض المفسرين يرون أن في إرسال الله لنبيه هود، عليه السلام، منفرداً لمثل هؤلاء القوم من الجبابرة المتعطشين للفتك بغيرهم لكي يدعوهم للتوحيد، هو إعجاز بحد ذاته، حيث وقف في مواجهتهم منفرداً محقراً لآلهتهم وآلهة آبائهم وعلى الرغم من قوتهم وبأسهم إلا أنهم لم يتمكنوا من إصابته بأي أذى.
كان قوم عاد معتدّين بجبروتهم ومدنهم، وببنيانهم المرفوع ذو الأعمدة الضخمة الذي لم يكن له مثيل في أي مكان آخر، كما كانوا كثيري التفاخر والتباهي بما منحه الله لهم من قوة وبأس على غيرهم من القبائل والأمم، فلم يشكروا الله، عز وجل، على هذه النعم التي أغدقها عليهم، بل كفروا به وأشركوا معه في العبادة آلهة من تماثيل ينحتونها بأنفسهم، وكذبوا نبيه، وزادوا في عتيهم وغرورهم وغطرستهم واعتدادهم بقوتهم وجبروتهم، فلم يلتفتوا لتهديد هود، عليه السلام، حينما قال لهم بأن الله، سبحانه وتعالى، قادر على أن يستخلف قوما آخرين مكانهم كما استخلفهم بعد قوم نوح، لكنهم تولوا عنه وتمسكوا بشركهم وآلهتهم، بل إنهم زادوا في طغيانهم وعتيهم بتحدي الله، عز وجل، وذلك بسؤالهم لنبيهم من أشد منا قوة؟ فتوجه هود إلى ربه يشكوه فهو رجل واحد يقف في وجه طغمة من الكفار الأقوياء والمتجبرين، فاستجاب الله له، واستحق قوم عاد العذاب الذي كتبه الله عليهم، وهو الريح الصرصر العاتية التي أطلقها عز وجل عليهم.

جاء عذاب قوم عاد على يد جند من جنود الله، تعالى، وهي الريح الصرصر التي سلطها عليهم سبع ليال وثمانية أيام كاملة، والريح الصرصر هي الرياح العاتية شديدة البرودة ذات الصفير الشديد الذي يصم الآذان من ارتفاعه، وترتعش الأجساد من قوته وبرودته، حيث أخذت الريح تطير بالناس والأشجار والحيوانات، فلجأ قوم عاد إلى بيوتهم يحتمون بها، فلم تصمد أمام الريح الشديدة وتطايرت في الهواء وأصبحوا وحدهم عاجزين في مواجهة تلك الرياح التي لم يرسل مثلها من قبل، والتي حملت معها الرمال التي طمرت قوم عاد وبنيانهم الضخم ومزارعهم الغناء تحت أطنان من الرمال التي دفنوا تحتها بعد أن تفتت لحوم أجسادهم وأصبحوا كأعجاز النخل الخاوية، أي كجذوع النخل الميتة، كما شبههم الله، عز وجل، في كتابه الكريم ليكونوا عبرة وعظة لغيرهم من الأمم.