أصحاب الفيل

وردت القصة في: سورة الفيل
الآيات: 1-5
الزمن الذي وقعت فيه أحداث القصة
570م

قصة أصحاب الفيل من القصص القرآنية العظيمة، إذ خصص لها الله، سبحانه وتعالى، سورة كاملة هي سورة "الفيل" للدلالة على أهمية هذه الواقعة التي حدثت عام 570م وهو العام الذي سمي "بعام الفيل" نسبة لهذه الواقعة، وهو نفس العام الذي يرجح العلماء أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد ولد فيه. وعلى الرغم من أن قصة أصحاب الفيل قد وقعت في مكة المكرمة، إلا أن بداية أحداثها كانت من أرض اليمن، التي كانت واقعة تحت سيطرة الأحباش وحاكمهم النجاشي، وتحديداً من مدينة صنعاء التي كان يحكمها آنذاك أبرهة الأشرم الحبشي، الذي كان مسيحياً، ورغب في جذب العرب إلى المسيحية وصرفهم عن ديانتهم، وفي الوقت نفسه رغب في تغيير وجهتهم من الكعبة المشرفة في مكة، التي كانوا يحجون إليها كل عام، إلى الكنيسة المهيبة التي بناها في صنعاء.

كان أبرهة قد قام ببناء كنيسة ضخمة عالية الحوائط، وبالغ في زخرفتها وتزيينها بالحلي والمجوهرات لكي يجذب أنظار العرب إليها، وكتب إلى مليكه النجاشي قائلاً: "إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يُبن مثلها لملكٍ قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب".
 فلما علم العرب بذلك، غضبوا غضباً شديداً، وجاء رجل من بني كنانة ولطخ كنيسة أبرهة بالقاذورات، مما أثار جنونه فأقسم أن يقوم بهدم الكعبة، وجهز لهذا جيشاً جراراً من الجنود المدعومين بعددٍ من الفيلة، يقودها فيلٌ ضخم الحجم يسمى "محموداً"، وتوجه أبرهة بجيشه إلى مكة، وتنادت القبائل العربية لصد أبرهة وجيشه، لكنهم لم يتمكنوا من مواجهة هذا الجيش المنظم، الذي وصل إلى مشارف مكة وربض في مكان يسمى "المُغمس" بين مكة والطائف. أرسل أبرهة كتيبة من جنده ليستولوا على أموال قريش ومن بينها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، جد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكبير قريش وسيدهم.

كما بعث أبرهة برسول إلى سادة قريش ليخبرهم بأنه لم يأت لمحاربتهم وإنما لهدم هذا البيت، وأعلنت قريش عن عدم استطاعتها محاربة أبرهة وجيشه ووكلوا أمر حماية البيت لربه، ثم انطلق عبد المطلب لملاقاة أبرهة، الذي أعظمه عندما رآه، فنزل عن عرشه وأجلسه إلى جانبه، وسأله عن حاجته، فرد عبد المطلب بأن حاجته أن يرد عليه أبرهة المئتي بعير خاصته، فتعجب أبرهة منه قائلاً: "أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟ فأجابه عبد المطلب قائلاً "إني أنا رب الإبل، وإن للبيت رب يحميه".
عاد عبد المطلب إلى قريش وطلب منهم أن يخرجوا من مكة ويعتصموا في الجبال المحيطة بها، ثم توجه مع بعض الرجال إلى الكعبة وأمسك بحلقة بابها وهو يدعو الله ويستنصره أن يحمي بيته الحرام، بيت إبراهيم وإسماعيل، ثم عادوا ليحتموا في الجبال.
وفي هذه الأثناء أمر أبرهة جيشه بالتحرك لهدم الكعبة، وجعل الفيل في المقدمة، لكن الفيل برك في مكانه رافضاً التحرك كلما وجهوه ناحية مكة، رغم كافة المحاولات التي بذلوها لإجباره على الوقوف، بينما كان يسارع بالتحرك كلما وجهوه صوب اليمن، أو إلى جهة الشرق، وعندما يحاولون توجيهه مجدداً ناحية مكة كان يبرك في مكانه رافضاً التحرك مجدداً.
بقي الفيل باركاً أمام مكة رافضاً دخولها، ثم أرسل الله، تعالى، أسراباً من الطيور تعد بالآلاف وتطير جماعات جماعات، وهو المقصود بطيور الأبابيل كما ذكرت العديد من كتب التفسير، وهي تحمل الحجارة المسننة التي أخذت تقذف بها جنود جيش أبرهة الذين هلك معظمهم وتآكلت أجسادهم وتركوا كأوراق الشجر الجافة والممزقة، كما أصيب أبرهة في جسده وتساقطت أنامله الواحد تلو الآخر، وأخذ جسده في التفتت إلى أن وصل إلى صنعاء، ومات عندما انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات.