
فضل وثمرات بر الوالدين في الدنيا والآخرة
يحصد المسلم ثمار برّ الوالدين في الدنيا قبل الآخرة، وإن كان أجر الآخرة أعظم، ومن أهم فضائل بر الوالدين على البارّ في الدنيا والآخرة:
- يعلو شأنه في الدنيا، ويطيب ذكره بين الناس.
- يبارك الله له في عمره ورزقه، ويرزقه التّوفيق في حياته.
- تكفّر سيّئاته، وتضاعف حسناته.
- ينال رضا ربّه، ويدخله الله الجنّة بإذنه، وينجيه من النار.
- برّ الوالدين في المرتبة الثانية في الأهميّة بعد الصّلاة، ثم جعل الجهاد بعده في الفضل، وهذا الترتيب دليلٌ على أهميّة هذه العبادة العظيمة.
- بر الوالدين من كمال الإيمان، وهو من أحبّ الأعمال إلى الله -سبحانه-، وسببٌ في انشراح الصدر والنّور التامّ في الدنيا والآخرة.
- البرّ سببٌ لمغفرة الذنوب.
- بالبرّ يُبارك الله -تعالى- للإنسان برزقه وعمره.
- وبالبرّ يفرّج الله كربة العبد ويقبل دعاءه.
- وبالبرّ يصلح الله -تعالى- للعبد في ذريّته.
إلى الأعلى
كيفية الإحسان إلى الوالدين
برّهما باللّسان:
- القول الكريم الطيّب
- تجنب القول الذي لا يليق بحقّهما
- يناديهما الابن بأحبّ الأسماء إلى قلبيهما
- الحديث معهما بأدبٍ ولينٍ وخشوعٍ
- أمر الله سبحانه وتعالى لعباده:
(إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً). (الآية 23 – سورة الإسراء)
برّهما بالعمل والجوارح: (بعض الأفعال الطيبة)
- طول الصحبة والملازمة
- الإنفاق عليهما وتيسير أمورهما
- القيام على شؤونهما
- إطعامهما، إسكانهما، وقضاء حاجتهما
صور برّ الابن لوالديه:
- شكرهما على إحسانهما
- برّ خاصّتهما من الناس والإحسان لهم
- الترحّم عليهما بعد وفاتهما
- الاستمرار في برّ الوالدين حتى بعد موتهما بالدعاء والاستغفار لهما دائماً، كما جاء في سورة إبراهيم: (رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِى وَلِوَٰلِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ) الآية - 41
- حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).
إلى الأعلى
صور طاعة الوالدين بعد موتهما
بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، بل هو عمل مستمر وطاعة باقية حتى بعد موتهما، ومن صور بر الوالدين بعد موتهما ما يأتي:
- الدعاء والاستغفار لهما، وتطلب لهما الرحمة والمغفرة وما شاء من الأدعية الحسنة.
- تنفيذ وصيتهما في حال تركا وصية وتنفيذ عهدهما.
- الترحم عليهما والدعاء لهما من أعظم صور البر.
- صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما؛ كالعمات والخالات والأقارب بالإحسان إليهم ووصلهم، فإن ذلك من صلة الوالدين والبر بهم.
- إكرام أصدقائهما وحسن معاملتهم واستقبالهم، وتقديرهم والإحسان في معاملتهم بالكلمة الطيبة والذكر الطيب.
- التصدق عنهما بالمال، والثياب، والطعام، أو بالصدقة الجارية كصنابير المياه عبر الطرق، أو المصاحف في المساجد، وغيرها من الأعمال الصالحة.
- الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة وما يفتح الله به على الداعي من الخير
- قضاء ما عليهما من كفارات، أو نذور، أو ديون مادية أو غير مادية.
إلى الأعلى
أَدِلّةُ بِرِّ الوالِدَينِ في الْقُرْآن
في سورة البقرة
- (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) [البقرة:83]
في سورة الإسراء
- (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء:23]
في سورة النساء
- (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [النساء:36]
في سورة لقمان
- (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14]
في سورة الأحقاف
- (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرْ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الأحقاف:15]
في سورة العنكبوت
- (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [العنكبوت:8]
إلى الأعلى
فضل بر الأم
يُعدُّ البرُّ من أفضل الأعمال التي يقدّمها المسلمُ بين يدي الله -عز وجل-، وقد وردَ الحثُّ عليه في النُّصوص الشَّرعيَّة من القرآن أو السنَّة النبويَّة، إذ أمرنا الله -عز وجل- بالإحسانِ إليهما في القرآن الكريم، قال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا)، وقد نال برُّ الأم حظَّاً وفيراً من هذه النُّصوص تأكيداً على فضلها ومكانتها، ونذكرُ من فضائل برِّ الأمِّ ما يأتي:
أوَّلاً: يُقَدَّمُ برُّ الأم على برِّ الأبِ وغيره من النَّاس
فقد جاءَ في السُّنَّة الشَّريفة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للرَّجلِ السائل عن أحقِّ النَّاس بالبرِّ، فقال له النبيّ: (أمَّك قال: قلت ُ: ثمَّ من؟ قال أمَّك قال: قلت: ثمَّ من؟ قال: أمَّك قال: قلتُ: ثمَّ من؟ قال ثمَّ أباكَ، ثمَّ الأقربَ، فالأقربَ).
ثانياً: شُكر الأم مرتبطٌ بشكر الله -عزَّ وجل-
إذ قَرَنَ الله -عزَّ وجل- شكره بشكر الوالدين في الآية التي أوصى فيها الإنسان على والديه، وذلكَ في سورة لقمان، حيث قال -تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ).
ثالثاً: برُّ الأمِ من أحبِّ الأعمالِ إلى الله -عزَّ وجل-
وقد بيَّنَ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث جاء في الصَّحيحين عنه لمَّا سُئِلَ عن أحبِّ الأعمال إلى اللهِ -عزَّ وجل-، فقال: (الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ).
رابعاً: برُّ الأم أفضلُ من الجهاد في سبيل الله
إذ جاءَ في صحيحِ مسلم أنَّ رجلاً راحَ يُبايعُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الجهاد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا).
خامساً: بِر الأمِ يُنَجّي من الكروبِ
إذ يروي عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قصَّة الرِّجال الثَّلاثة الذين دخلوا الغارَ فأُغلِق عليهم بواسطة صخرة كبيرة، فشرعوا إلى التّوسل إلى الله -عز وجل- بأعمالهم الصَّالحة أن يفرِّج عنهم، فكان قول أوَّلهم: (اللَّهُمَّ إنَّه كانَ لي وَالِدَانِ شيخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِي، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ أَرْعَى عليهم، فَإِذَا أَرَحْتُ عليهم، حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ، فَسَقَيْتُهُما قَبْلَ بَنِيَّ... فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا منها فُرْجَةً، نَرَى منها السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ منها فُرْجَةً، فَرَأَوْا منها السَّمَاءَ).
سادساً: برُّ الأم سببٌ في غفرانِ الذُّنوبِ
حيث يروي عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّ رجلاً أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد فعل ذنباً ويقصدُ التَّوبة منه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ: هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها).
سابعاً: برُّ الأم سببٌ في زيادة الرِّزقِ ودفع ميتةِ السُّوءِ
فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن سَرَّهُ أنْ يُمَدَّ له في عُمُرِه، ويُزادَ في رِزقِه، فلْيَبَرَّ والِدَيهِ، ولْيَصِلْ رحِمَه). والأمّ أوْلى الأرحام بالصِّلة.
ثامناً: عقوقُ الأم يجلبُ الذُّل ويمنع دخول الجنَّة
حيث ورد في السُّنَّة الشَّريفة تحذيرُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن يعقُّ والديه، فقال: (رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ).
تاسعاً: برُّ الأمِّ فضيلةٌ دأبَ عليها الأنبياء والرُّسُل
إذ جاء في القرآن الكريمِ على لسانِ عيسى -عليه السّلام-: (وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا)، وكذلك باقي الأنبياء.
إلى الأعلى
الحكمة من تقديم الأمِّ بالبر
تتعدَّد الحِكَمُ من تفضيل الأمِّ على الأبِ وعلى غيرها في البرِّ، ونذكرُ من هذه الحِكَم ما يأتي:
الحكمة الأُولى
الجهد الجبَّار والتَّعَب الكثير الذي تعاني منه الأم أثناءَ الحملِ والولادة والتَّربية، فالأمَّ تُجاهِد في حمايةِ رضيعها وإطعامه والسَّهَر على راحته، ولا تزال تفعل ذلك حتَّى يكبر ويصبحُ راشداً يقومُ بأمرِ نفسه.
الحكمة الثَّانية
الأمُّ أضعفُ وأعجزُ من الأبِ جسدياً، فكانَ مقدَّماً برُّها عليه.
الحكمة الثَّالثة
المشقَّة على الأمِّ في إنجابِ الولد ورعايته اضطرارية، أمَّا مشقَّة الأبوَّة فاختياريَّة، إذ تُضحّي الأمُّ بصحَّتها وراحة جسدها، فتقدّمت في البرِّ وفي وجوبِ الإنفاق عليها عند الحاجة.
إلى الأعلى
تتعدد الآداب التي يجب مراعاتها تجاه الأم، نذكر منها ما يلي:
- تقديم طاعتها على سائر البشر.
- الإحسان إليها بالقول والعمل.
- خفض الجناح لها بالتواضع، وعدم التكبّر عليها.
- الحديث معها بلطف، وعدم نهرها أو رفع الصوت عليها أو التأفف من شيء فعلته.
- الإصغاء إلى كلامها، وعدم مقاطعتها فيه أو إقامة الحجة عليها.
- الفرح بأداء طلباتها وترك التضجر منها.
- الصدقة عنها بعد موتها.
- عدم التمنّن عليها في أي خدمة يقدمها الولد لها.
- مساعدتها في الأعمال المنزلية، والحرص على راحتها.
- الابتعاد عن إزعاجها بالأصوات العالية أو الأخبار السيئة.
- تلبية ندائها مهما كن الشخص منشغلاً.
- الاستئذان منها وطلب مشورتها في أمور الحياة.
- كثرة الاستغفار لها في حياتها وبعد وفاتها.
- البقاء عندها في حال المرض والسهر على راحتها وشفائها.
- الإنفاق عليها في حال الحاجة.
إلى الأعلى