قصة قارون

ورد ذكر القصة في سورة: القصص، العنكبوت، غافر
الزمن الذي وقعت فيه أحداث القصة: زمن بعثة سيدنا موسى عليه السلام.

يختلف الكثيرون على تقدير حجم ومصير ثروة قارون، لكنهم جميعاً يتفقون على عظم تلك الثروة التي وضح الله، عز وجل، بعض الصور التشبيهية عنها في قرآنه الكريم، ومنها أن مفاتيح خزائن قارون كانت تنوء بها العصبة من أولي القوة من الرجال، أي أن جماعة من الرجال الأشداء يستطيعون بالكاد حمل مفاتيح خزائن قارون، التي قيل أنها، أي المفاتيح، كانت تحمل على 60 من البغال.
يقال إن قارون هو ابن عم نبي الله موسى، عليه السلام، وقد أوتي من المال والجاه والثروة الشيء الكثير، فيما أوتي موسى النبوة، وأوتي أخيه هارون الحبورة أي أصبح من الأحبار، وهي من الأمور التي أثارت غيظ وغضب وغيرة قارون، فجعلته يعادي موسى ويرفض اتباعه أو تصديق الرسالة التي بعث بها.
قيل أيضاً أن قارون تمكن من جمع ثروته الضخمة بسبب معرفته بعلوم وأسرار علم الكيمياء وهو ما مكنه من تحويل النحاس، وفي روايات أخرى التراب، إلى ذهب وبكمياتٍ كبيرة، وكان يبيعها على الآخرين، لكن ثروة قارون لم تشمل فقط الذهب، وإنما امتلك القصور والخيول والبضائع، ويقال أن قصره كان موشى بالذهب والمجوهرات، وكان يعيش في بذخ شديد، وعلى الرغم من كل هذه الثروة التي من بها الله عليه، إلا أنه كان كافراً وجاحداً بنعم الله عليه، بل إنه كان ينسب كل هذا الخير والنعم لموهبته وللعلم الذي تعلمه، ولم ينسب الفضل لله، عز وجل الذي منحه هذا العلم.

كما كان قارون بخيلاً، فلم يمد قط يد المساعدة لأحدٍ من حوله بل اكتنز الذهب والمجوهرات لنفسه، ولم يُعن قومه على فقرهم وحاجتهم، وفي يوم من الأيام خرج قارون على قومه بكامل زينته وأبهته، وفي حشد من خدمه وحاشيته بملابس وعربة موشاة بالذهب والمجوهرات، وبسلوك يمتلأ بالكبر والغرور والغطرسة، فذهل القوم من عظمة إطلالته وفخامتها وبذخها، وتمنى البعض منهم أن يهبهم الله ما وهبه لقارون من جاه وأموال وذهب، لكن قلة قليلة من العقلاء، رفضوا هذا التوجه ونصحوا قومهم بأن يرضوا بما كتبه الله لهم، لأن ما يمتلكه قارون من ثروات هو فتنة أراد الله، تعالى، أن يفتنه بها ليرى كيف سيكون تصرفه.

هناك العديد من القصص التي ترد في بعض تفاسير القرآن الكريم حول الحادثة التي أودت بقارون وجعلت الله يخسف به وبقصوره وممتلكاته الأرض، ومن أشهر هذه التفاسير هو أن الله عز وجل، أنزل الزكاة على موسى كي يأمر بها أتباعه، فلما أخبر موسى قارون بهذا الأمر، وافق في البداية أن يخرج ديناراً مقابل كل 1000 دينار يمتلكه، وشاة عن كل 1000 شاة يمتلكها، لكنه اكتشف أنه سيدفع بذلك مبلغاً كبيراً من المال، وحتى لا يتهم بالبخل، عمد إلى تحريض قومه على موسى بأن حاول أن يتهمه زوراً بحادثة تطعن في شرفه، لكن الله، تعالى، أظهر حقيقة تلك المؤامرة للناس فانصرفوا عن قارون والتفوا حول موسى، الذي سجد شاكراً لربه وشاكياً قارون، حيث طلب موسى من ربه أن يغضب له فكان أن خسف الله الأرض بقارون التي ابتلعته وملكه معه، ليصبح كأن لم يكن، نصرة منه عز وجل لنبيه الكريم، وليتعظ من كانوا يتمنون ملك قارون وكنوزه من أتباع موسى، وليعلموا أن الكنز الحقيقي هو رضا الله سبحانه وتعالى، أما فيما عدا ذلك فكل شيء مصيره الزوال بين لحظة وأخرى.