ناقة صالح

السور التي وردت فيها القصة: الأعراف، هود، الحجر، النمل، السجدة، إبراهيم، الإسراء، القمر، براءة، الفرقان، سورة ص، سورة ق، النجم، الفجر، والشعراء
الزمن الذي وقعت فيه أحداث القصة: عصور ما قبل التاريخ ويقال إنها تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد

بُعث نبي الله صالح، عليه السلام، إلى قوم ثمود الذين سكنوا منطقة الحجر في شبه الجزيرة العربية، ويقال أنهم جاءوا خلفاً لقوم عاد في الحضارة والعمران والقوة والبأس والمنعة، وكانوا مثلهم يعبدون الأصنام، وقد مكنهم الله في الأرض إذ كانوا يتمتعون بقوى جسدية خارقة مكنتهم من حفر بيوتهم وقصورهم في الجبال والسهول، كما ساهمت قوتهم الجسمانية الهائلة في تمتعهم بالأمن والازدهار والاستقرار.
بدأ نبي الله صالح، عليه السلام، دعوته لقومه بالحكمة والموعظة الحسنة، فذكرهم بما آل إليه مصير قوم عاد، وطالبهم بنبذ الشرك وعبادة الأصنام وتوحيد الإله عز وجل، كما ذكرهم بنعم الله الكثيرة التي أنعم بها عليهم، لكنهم رفضوا دعوته وتعنتوا في هذا الرفض ووصفوه ومن آمن معه بأنهم قوم مشؤومين، لكن صالح أصر على الاستمرار في الدعوة رغم رفض قومه لها.

أصر آل ثمود على كبرهم وعنادهم وزادوا عليه بأن حاولوا الاستهزاء بنبي الله ورسوله إليهم، فطلبوا منه أن يأتيهم بمعجزة، على أن يقوموا هم باختيار تلك المعجزة ومواصفاتها، فلما وافق على طلبهم، طلبوا منه أن يسأل الله أن يخرج لهم من صخرة صماء حددوها بأنفسهم، ناقة عشراء، أي تحمل جنيناً في شهره العاشر، واشترطوا أن تكون الناقة طويلة وتتمتع بالعديد من المواصفاتٍ الأخرى، كما طلبوا أن تكون هذه الناقة من الضخامة بحيث أنها تستطيع أن تشرب كمية مماثلة من المياه لما يشربه آل ثمود مجتمعين، فأخذ منهم صالح العهد بأن يستجيبوا لدعوته إذا ما لبى لهم طلبهم، وسأل ربه أن يحقق لهم ما أرادوا حتى يقتنعوا بدعوته، فاستجاب الله، تعالى، لدعائه ومن معه من قلة آمنوا به، وأخرج لهم من الصخرة ناقة ضخمة جداً في مشهد مهيب أصابهم بالذهول.

طلب صالح من قومه أن يذروا الناقة ولا يمسوها بأذى، كما طلب منهم أن يتركوا لها شِرب يوم وأن يشربوا هم في اليوم التالي، وكانت الناقة تدر في اليوم الذي تشرب فيه كمية كبيرة من الحليب تكفي آل ثمود جميعاً، كما نبههم رسول الله إلى أن العذاب سيحيق بهم إذا ما تعرضوا للناقة أو لوليدها بأي أذى.
وعلى الرغم من تحقيقه لمطلبهم، إلا أن آل ثمود عادوا سريعاً لغيهم وتكبرهم وتعنتهم، فتمردوا على تعليمات النبي صالح لهم، وتآمر تسعة منهم بتحريض من بعض نساء القبيلة على قتل الناقة وصغيرها، فقام أحدهم برميها بسهم في عظم ساقها، فيما شد عليها آخر بسيفه فخرت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة عظيمة قبل موتها، تحذيراً لصغيرها الذي انطلق صاعداً لجبل منيع بعد أن رغا ثلاث مرات، وهو ما فسره نبي الله صالح لهم، بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام.
ولا زال القوم على تعنتهم واستخفافهم بوعيد صالح لهم، بل إنهم ازدادوا صلافة ووقاحة وغروراً، فبعد ارتكابهم للإثم العظيم الذي نهاهم الله، تعالى، ونبيه عنه بقتل الناقة، فقد تآمروا أيضاً على قتل صالح، عليه السلام، ليلحقوه بالناقة، كما أنهم طلبوا منه أن يستعجل نزول العذاب عليهم، فاستجاب الله لطلبهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر بأن أرسل عليهم صيحة هائلة من السماء من فوقهم، ورجفت الأرض بشدة أسفل منهم، ففاضت أرواحهم وزهقت نفوسهم وتحولوا إلى جثث لا حراك فيها في منازلهم.