حشرة الأَرَضَة -دابة الأرض- 

نقول في اللغة أن كُلّ ما يُدب على الأرض، فهو دابّة. وقد وصف الله في القرآن الكريم حشرة الأَرَضَة بـ"دابة الأرض" عندما وقعت في عصا نبيّه سُليمان عليه السلام، التي كان متكئًا عليها عند موته فأكلتها. 

فما هي الأَرَضَة؟

الأَرَضَة: حشرة صغيرة، تعرف باسم النمل الأبيض. وهي أصغر من النمل المعروف، رأسها أكبر من جسمها، وذات أنواع كثيرة، منها ما يتغذى على أكل الخشب أو الجلد أو الورق، أو الثمار ونحوها. إنها مخلوق عجيب من بديع صنع الله. تعيش في مستعمرات مُنظّمة. 

فوائدها:

تلعب حشرة الأَرَضَة دورًا مُهماً في النظام البيئي، فهي تساهم في إعادة تدوير الطبيعة، من خلال تكسير الأشجار المتساقطة، وتفتيت الأخشاب، وتحويلها إلى تربة غنية مليئة بالمغذيات الضرورية لنمو النباتات الأخرى.

أضرارها:

- تتسبب المواد الكيميائية المُستخدمة لقتل أو طرد حشرة الأَرَضَة بمخاطر صحيّة كبيرة.
- تغزو حشرة الأَرَضَة المنازل، وتختبئ في الشقوق الصغيرة حيث يصعب اكتشافها، كما أنّها تخترق الأخشاب وتُفرّغها من الداخل دون أن تخترق سطحها مُخلفةً بذلك ضرراً كبيراً من الممكن أن يستمر لسنوات دون اكتشافه.

ذكر الأَرَضَة في القرآن الكريم

قصّة موت سليمان -عليه السلام-

قال الله عزّ وجلّ في سورة سبأ: فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِين. (14). جاء في تفسير الطبري لهذه الآية الكريمة: أن الله أعطى لسليمان -عليه السلام- مُلكاً عظيماً، فكانت له القُدرة على التحكم بالريح، ومخاطبة الحيوانات، والجنّ، وغيرها من المخلوقات. وكانت الجنّ تعمل بأمره وتحت سُلطته، وكانت تدّعي أنّها تعلم الغيب، فأراد الله تعالى أن يُبيّن لهم أنّهم لا يعلمون شيئاً من الغيب؛ وقد تمثّل ذلك في أنّه تُوفّي سليمان –عليه السلام دون أن يعلم أحد بموته؛ إذ مات واقفاً مُتَّكئاً على عصاه، والجنّ كغيرهم من جنود سليمان وخدمه ينظرون إليه ويظنّون أنّه حيّ، فيعودون لينهمكوا في أشغالهم التي كلّفهم بها حتى أكلت الأَرَضَة -دابّة الأرض- العصا التي يتكئ عليها سليمان، فسَقَط سليمان، وحينها فقط تيقّن الناس أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب، وأنّهم لو كانوا يعلمون الغيب لَما لَبثوا على طاعتهم لسليمان مع عِلمهم بموته.

ذكر الأَرَضَة في السنة النبوية الشريفة

قصة صحيفة المقاطعة

ذُكرت الأَرَضَة في السنة نُصرةً وتأييداً لسيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، حين أكلت الصحيفة التي اتفقت عليها قريش لمقاطعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني عبد المُطلب، فكتبوا فيها أن لا ينكحوهم ولا ينكحوا إليهم، ولا يبايعوهم ولا يبتاعوا منهم ثم علقوها في جوف الكعبة. فجاءت الأَرَضَة بعد مدة وأكلت الصحيفة إلا كلمة "بِسمك اللهم".
فذهب النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب، ليخبر قريشاً بذلك، وأتت قريش إلى الصحيفة فوجدوها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعلموا جورهم وفكوا الحصار.
فهذه هي الأَرَضَة خَلق عجيب، وجند من جنود الله، جاءت في قصة نبيين كريمين (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).