أيّدَ الله عز وجل أنبياءه بالعديد مِنَ المُعجزات، وجاء ذِكرُها في قصص الأنبياء وبعضِ نُصوص الكِتاب والسُّنّة، وهي كما يأتي:
مُعجِزة نوح عليه السّلام
أيّدَ الله -عز وجل- نبيّه نوح -عليه السلام- بِمُعجزةِ السفينة، فكان يقوم ببنائِها على الرِّمال، وكان قومه يسخرون منه، ويتّهمونه بالجنون لأنه السفينة على اليابسة، حتى جاء الأمرُ من الله -عز وجل- بِهُطول المطر مِنَ السماء، وانفجار الينابيع من الأرض، فأُغرقت الأرض ومن فيها إلاّ من ركب في المُعجزة الخفيّة وهي السفينة.
معجزة سيدنا إبراهيم عليه السلام
أيّدَ الله -عز وجل- نبيّه إبراهيم -عليه السلام- بالعديد مِنَ المُعجزات، وهي:
- تحويل النار التي ألقاها بها قومه إلى بردٍ وسلامٍ، وكان ذلك بعد أن قام بتكسير أصنامهم، وإقناعِهِم بأنّها لا تَضرُّ ولا تَنفع، فألقوه في النّار؛ نُصرةً لأصنامِهِم.
- فِداؤه لابنه إسماعيل -عليه السلام- بِكَبشٍ عظيم، وكان ذلك بعد أن رأى رؤيا في المنام أنّه يذبحُ ابنه الذي جاءه وهو في السادسة والثمانين مِن عُمره، وأصبح شاباً، فاختبره الله -عز وجل- بِذبحِه، فاستجاب لأمره، وأراد ذبحَه، فأوحى الله -عز وجل- إليه بِنجاحه في الاختبار، وفداه الله -عز وجل- بِذبحٍ عظيم
مُعجِزة صالح عليه السّلام
اشتُهر قومُ صالحٍ -عليه السلام- بِالنّحت في الصخر، فكانوا ينحتون مِنَ الصُّخور بُيوتاً بزخارف ونقوش، فطلبوا مِن نبيّهم أنْ يُخرج لهم مِن الصخرة ناقةً حيّةً تأكُلُ وتشرب؛ ليؤمنوا به، فدعا ربه أن يُخرج له ناقةً بنفس الصفات التي ذكروها، فاستجاب الله -عز وجل- له، وأخرج لهم من الصخر ناقةً ذاتَ روح وحياة، فكانت مُعجزته مِن جنس ما اشتُهر به قومه وهو النّحت.
مُعجِزات سيّدنا موسى عليه السّلام
أيّدَ الله -عز وجل- نبيّه موسى -عليه السلام- بِتِسعٍ مُعجزاتٍ واضِحات، لقوله -عز وجل-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ)، وكانت مِن جِنس ما اشتهر به قومه مِن السِحِر، كـ:
- العصا التي تتحول إلى حيّةٍ كبيرةٍ بعد أن يُلقيَها على الأرض، وبعد أن ابتلعت الأفعى حيّات السَّحرة آمنوا جميعاً؛ لما أدركوه مِن إعجازِها وأنّها ليست مِن صُنع البَشر.
- يَده البيضاء، فقد كانت تتلألأ كالقمر بعد أن يُدخلها في جيبه ثُمّ يُخرِجُها.
- وأمّا الآيات السبع الأُخرى فقد جاء ذِكرُها في قوله -عز وجل-: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ* وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ* فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ)، وذكرها فيما يأتي السِّنين، وهي:
- انحباس المطر عن أهل مصر
- قِلّة المياه عنهم، وقحط أرضهم وجدبها
- نقص الثمرات، من خلال منع الله -عز وجل- الثمر مِنَ الخُروج، وما يخرُج منها تأكُله الطيور
- الطوفان، ما تسبَّب في تَلَف مزارِعِهِم ومُدِنِهم الجراد، الذي كان يأكُل كُلَّ شيءٍ
- القُمّل، وهي حشرةٌ تُؤذيهم في أجسامِهِم
- الضفادع، فأرسلها الله -عز وجل- عليهم بأعدادٍ كثيرة، نغّصت عليهم حياتهم.
- الدم الذي يكون في جميع طعامِهِم وشرابِهِم.
معجزة داود عليه السلام
سخّر الله -عز وجل- لنبيّه داود -عليه السلام- الجبال والطَير، وكانت تُسبّح معه، لقوله -عز وجل-: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ).
معجزات سليمان عليه السلام
أيَّدَ الله -عز وجل- نبيَّهُ سُليمان -عليه السلام- بالعديد مِنَ المُعجزات، وذلك بعد أن طلب مِنَ الله -عز وجل- أن يُعطيه مُلكاً لا يُعطى لإنسانٍ بَعده، فاستجاب الله -عز وجل- له، وأعطاه مُلكاً وحضارةً تقوم على الإعجاز، وكانت هذه المُعجزات لم ولن تظهر لأُمّةٍ قبلهم أو بعدهم، واستمرت مع سُليمان -عليه السلام- وهو حيٌ، وجاءت هذه المُعجزات كما يأتي:
- تسخير الريح، ووصف الله -عز وجل- هذه الريح بِالرَّخاء؛ أي أنّها تنفعُ ولا تضُر، وكانت هذه الريح تقطعُ في اليوم الواحد ما يقطعه الناس في شهرين، وتتحرّك بأمره، وتتّجه حيث شاء، وتذهب في جميعِ مُلكه، وتُمطر، وتوجّه السُفن، بإرادة سُليمان -عليه السلام-، كما استعملها في الدفاع عن الدِين، وكُلِّ من يُحاربه، وكان يركب عليها ويمُرُّ بها على مُلكه، كما أنّها كانت تنقل له أخبار الناس.
- تسخير الجنّ له، فكان يَتحكّمُ بهم، ويستعملهم في نفع مملكته، وإقامة المحاريب له؛ لاستعمالها في العِبادة والطاعة، ويأمُرهم بالغَوص في البِحار واستخراج اللؤلؤ والمَرجان منه، وكُلُّ من يُخالف أمره كان يسجُنه ويُكَبّله بالسلاسل.
- تسييل النُّحاس له، وذلك لِصُنع السِلاح، فأيدهُ الله -عز وجل- بِعينٍ تسيلُ منها النُّحاس الأصفر كالماء، لِقوله -عز وجل-: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)، وكان يأمُر الجِنّ بتشكيله على الشّكل الذي يُريد.
- التكلُّم مع ما لا ينطق، كالطُيور، وفهمهِ لِكلامِها
- كما أنّه كان يعرفُ لُغة الحشرات والنباتات وغيرها، وكانت مِن جُنده، وتأتيه بالأخبار التي تكون في المناطق البعيدةِ عنه.
مُعجِزات عيسى عليه السّلام
أمدَّ الله -عز وجل- نبيّه عيسى -عليه السلام- بِعَدَدٍ مِنَ المُعجزات، وهي كما يأتي:
- ولادته مِن غير أب، وبَيّن الله -عز وجل- أنّها مِن الأمور السهلة الهيّنة عليه، لِقوله عز وجل: (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا)، فهو روحٌ مِنَ الله -عز وجل-، وكلمته ألقاها إلى أُمّهِ مريم، لِقوله -عز وجل-: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ).
- تَكلّمهِ في الصِغر كما يتكلمُ الرجل الكبير، حيثُ تكلّم وهو طفلٌ بأنّه عبدٌ لله آتاه الكتاب وجعله نبياً.
- نفْخهِ في الطين الذي على هيئة الطير، فيُصبحُ طيراً حقيقيّاً.
- شِفاؤه للأعمى والأبرص، وإحياؤه للموتى، وإخبار أصحابه بما عندهم مِن الطعامِ والشراب وما يدّخرونه.
- تنزيل الله -عز وجل- له مائدةً مِن السماء، بِناءً على طلب قومهِ له.
- تنزيل الإنجيل عليه، وجعلهُ مُباركاً أينما وُجد.
مُعجِزات سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام
ونختم بذكر بعضٍ من معجزات سيّد الأنام، وخاتم الأنبياء والرُسل، سيدنا محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم. وقد ذكر الإمام الحافظ بن كثير في كتابه "البداية والنهاية" بعض معجزات النبّي عليه الصلاة والسلام، والتي سنذكر منها:
- القرآن الكريم: كتاب الله، أنزله على نبيّه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، هو أعظم المعجزات، وأبهر الآيات، وأبين الحجج الواضحات، لما اشتمل عليه من التركيب المُعجز الذي تحدّى الله به قُريشاً وجميع العرب وهم أهل الفصاحة واللغة، أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو حتّى بآية أو حرف، فعجزوا عن ذلك. قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} سورة الإسراء - الآية 88
- الإسراء والمعراج: قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}سورة الإسراء - الآية 1. تروي هذه الآية العظيمة حادثة الإسراء والمعراج، إذ أُسري بسيّد الخلق نبّينا محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم ارتقى به إلى السماء حيث شهد مشاهد عظيمة، حتى وصل إلى السماء السابعة حيث التقى بالأنبياء والرسل. وانتهت تلك الرحلة بفرض الصلوات الخمس في اليوم والليلة. ثم عاد إلى مكة في الليلة نفسها.
- انشقاق القمر: روى أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: سأل أهل مكة النبي صلّى الله عليه وسلّم آيةً، فانشق القمر بمكّة فرقين فقال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} سورة القمر – الآية 1
- حنين الجذع شوقاً إلى رسول الله وشغفاً به: حدّث الإمام الشافعي (رحمه الله) أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يخطُب في المسجد متكئاً على جذع نخلة. فعندما صُنع المنبر، أراد النّبي صعدوه، فلمّا جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطبُ إليه خار الجذع حتّى تصدّع وانشق. فنزل النّبي لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر.
- نبع الماء من بين أصابعه (صلّى الله عليه وسلّم): وقد تكرر حصول تلك المعجزة عدّة مرات، وفي مناسبات مختلفة. فمن ذلك ما حصل بالزوراء –وهو مكانٌ قرب سوق المدينة – مما نقله الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه، قال: "أُتيَ النّبي صلّى الله عليه وسلّم بإناء وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبعُ من بين أصابعه، فتوضأ القوم، قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال ثلاثمائة أو زُهاء ثلاثمائة" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
- نبوءات عن المستقبل: اطّلاعه عليه الصلاة والسلام على بعض الغَيب الذي أخبره الله به، وهذا الغَيب قد يكون في زمنه أو بعده بِقليل، أو بِزمنٍ بعيد في آخِر الزمان؛ كإخباره بِهزيمة كِسرى الفُرس، وعُلوّ الروم عليهم، ووعده بِفتح فارس والمدائن وغيرها. قال تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ (21) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} سورة الروم الآية 2، 3.
- الطعام والشراب القليل يكفي جماعاتٍ من الناس: وردت قصص عديدة كيف أن كميات قليلة من الطعام أو الشراب تكفي لإشباع جماعات كبيرة من الناس ببركة النبي عليه السلام، ومنها ما حصل في غزوة الخندق. فقد روى جابر بن عبد الله: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وطَحَنْتُ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، فَتَعَالَ أنْتَ ونَفَرٌ، فَصَاحَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: يا أهْلَ الخَنْدَقِ إنَّ جَابِرًا قدْ صَنَعَ سُؤْرًا، فَحَيَّ هَلًا بكُمْ. صحيح البخاري. وقد أكل من ذلك الطعام ما يزيد على ألف نفر.