فانـــوس رمضـــان

شكَّل فانوس رمضان ومنذ قديم الزمان رمزاً تقليدياً يعبر عن الفرحة والترحيب بالشهر الكريم في كافة الدول العربية وعلى الأخص في جمهورية مصر العربية، هناك حيث بدأت حكاية ارتباط الفانوس بأجواء الشهر الكريم، التي قد تختلف فيما بينها حول أسباب هذا الارتباط، لكنها تتفق جميعها على أن استخدام فانوس رمضان، قد بدأ في عهد الدولة الفاطمية في القاهرة، فلنتعرف معاً على هذه الحكايات...

استخدم الناس الفوانيس قديماً لإضاءة الطريق أثناء مشيهم ليلاً قبل اختراع الكهرباء بزمنٍ طويل، ويقال أن استخدام الفانوس بدأ كوسيلة لحفظ الأمن والأمان وخاصة أمان السيدات اللواتي كن يخرجن من بيوتهن ليلاً أثناء الشهر الكريم، لأداء صلاة التراويح ومن ثم كن يتجمعن حول امرأة كبيرة في السن تروي لهن الحكايات والأساطير، وحرصاً منه على سلامتهن أمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، بمنع خروج النساء ليلاً دون صبي يرافقهن، بحيث يسير أمامهن حاملاً الفانوس لإضاءة الطريق لهن، وذلك لضمان سلامتهن من جهة، ومن جهة أخرى لإعلام الرجال عن وجود امرأة تسير في الشارع كي يتنحوا عن طريقها. كما أمر الحاكم بأمر الله الشرطة بحمل الفوانيس أثناء مناوباتهم الليلية، وبتعليقها على أبواب الحارات القديمة وأمام المساجد والدكاكين، وذلك بهدف إضاءة الشوارع لحفظ الأمن، وقام بفرض غرامات على المخالفين لأوامره، وهو الأمر الذي أدى لازدهار تجارة الفوانيس التي أبدع الحرفيون المهرة في تصميمها وتلوينها بالألوان الجميلة والمبهجة.

أما عن قصة ارتباط إشعال الفوانيس وحملها تحديداً  بشهر رمضان المبارك،  فيقال أن بدايتها كانت مع خروج سكان القاهرة لأطراف المدينة في انتظار وصول الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي، حيث أصدر  الحاكم العسكري في ذلك الوقت جوهر الصقلي أوامره للسكان بحمل الشموع والفوانيس لإضاءة الطريق أثناء استقبال الخليفة، الذي صادف وصوله للقاهرة الليلة الأولى لشهر رمضان الكريم، وخشي الناس أن تنطفئ تلك الشموع فقاموا بوضع  واقيات من الجلد والورق وغيرها من المواد لحماية الشعلة، وهكذا تشكلت الفكرة الأولى للفانوس، حيث انعكست إضاءة الشموع بشكل بديعٍ وفائق الجمال، فأعجب الخليفة بهذا الاستقبال وبمنظر الفوانيس المضاءة، مما أفرح الشعب الذي بدأ يتخذ من تعليق الفوانيس عادة، تهدف للترحيب بقدوم الشهر الكريم.

وهكذا نمت صناعة الفوانيس وتطورت بشكلٍ كبيرٍ بعد ذلك، وخاصة مع امتداد عادة استخدام الفوانيس في شهر رمضان المبارك إلى بقية الدول العربية، كما أصبحت تصّنع بمئات التصاميم المختلفة الأشكال والقياسات، وباستخدام الكثير من الألوان التقليدية البهيجة، ليتحول الفانوس فيما بعد، إلى رمزٍ انتشر استعماله في أرجاء العالم أجمع، كي يُظهر الناس من خلاله سعادتهم وترحيبهم بحلول الشهر الكريم، حيث تنعكس أضواء الفوانيس الرائعة مضيئةً الشوارع بدفءٍ ساحرٍ في الليالي الرمضانية الجميلة، عاكسةً طيفاً واسعاً من الألوان البهيجة التي أصبحت تميز  أجواء الشهر الكريم وتمنحه السحر والدفء والخصوصية.