مدفـــع رمضـــــان

يرتبط شهر رمضان المبارك بالكثير من العادات التراثية القديمة التي رافقت أجواء الشهر الكريم في الدول العربية والإسلامية منذ القدم، ومن ثم انتشرت منها لبقية أنحاء العالم، كرمز من رموز الاحتفال بالشهر الكريم والحفاوة باستقباله. ويعد مدفع رمضان واحداً من هذه الرموز التراثية التي ورثناها من الماضي ولاتزال تحمل للناس البهجة والسرور عند استخدامها لإعلان موعد الإفطار، على الرغم من توافر كل الوسائل الحديثة التي يمكنها أداء هذه المهمة بسهولة، لكن يبقى لمدفع رمضان نكهته الخاصة وأجواءه الاحتفالية المميزة.

وكالعديد من العادات والتقاليد التراثية المرتبطة بشهر رمضان، لا يعرف على وجه الدقة متى بدأ المسلمون باستخدام المدفع لإعلام الناس بحلول موعد الإفطار، حيث تتعدد الروايات وتختلف الحكايات حول هذا الموضوع، إليكم بعضاً منها.

تقول القصة الأولى أن والي مصر في العهد الإخشيدي "خوش قدم" كان يجرب مدفعاً جديداً أهداه له أحد الولاة، وصادف إطلاق المدفع وقت الإفطار، في أول يوم من أيام رمضان، وعند وصول المدعوين للإفطار على مائدته، أبدوا إعجابهم الكبير وفرحتهم العظيمة بهذه الطريقة الإبداعية في تنبيه الناس لموعد الإفطار، فسُّر الوالي كثيراً بفرحة الناس وبردود أفعالهم الإيجابية، فأمر بإطلاق المدفع مرتين يومياً خلال شهر رمضان للإعلان عن موعدي الإفطار والإمساك.

قصة أخرى تُرجع استخدام المدفع لتنبيه الصائمين بحلول موعد الإفطار، لعهد محمد علي باشا، الذي كان معروفاً باهتمامه الشديد بجيشه وحرصه على تجهيزه بأفضل الأسلحة العصرية، وقد صودف أيضاً أن قائد الجيش كان يجرب مدفعاً جديداً وقت غروب شمس أول يومٍ من أيام رمضان، فسارع الناس للإفطار عند سماعهم صوت المدفع، ظناً منهم بأنها طريقة جديدة لإعلامهم بأن وقت الإفطار قد حان، حيث شعروا بسعادة بالغة، وبأن إطلاق المدفع في هذا التوقيت يحمل سِمة احتفاليةً للترحيب بالشهر الكريم، وعندما علم الوالي محمد علي باشا بمدى سعادة الناس وفرحتهم بهذا الأمر، أمر بإطلاق المدفع يومياً خلال شهر رمضان المبارك وفي عيد الفطر أيضاً، احتفالاً بالشهر الكريم، ولإدخال السعادة والسرور على قلوب مواطنيه. ولاتزال العديد من الدول العربية حتى يومنا هذا، تستخدم إطلاق مدفع رمضان عند وقت الإفطار ترحيباً بالشهر الكريم وتكريساً له كمناسبة خاصة وعزيزة على قلوب المسلمين الذين يجتمعون خلالها معاً بقلوبٍ يملؤها الحب والدفء والرحمات.